في استضافة ناجحة ومتميزة، نظمت مصر "القمة العالمية لصناعة التعهيد 2025" تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي. ويُعد تنظيم هذا الحدث مؤشراً على مكانة مصر المتصاعدة كمركز عالمي لخدمات تكنولوجيا المعلومات والأعمال. وقد استمرت فعاليات القمة على مدار يومين، حيث جمعت أكثر من 250 من قيادات كبرى شركات التكنولوجيا العالمية وصُنّاع القرار في قطاع التعهيد والخدمات العابرة للحدود، بهدف استعراض ومناقشة الدور المتنامي لمصر على خارطة تقديم الخدمات الرقمية الدولية.
طفرة قياسية لصناعة التعهيد: من 2.4 مليار دولار إلى 4.8 مليار دولار في ثلاث سنوات
أعلن الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في كلمته الافتتاحية عن "قفزة نوعية" في صادرات مصر الرقمية، حيث ارتفعت إيراداتها من 2.4مليار دولار في عام 2022 إلى 4.8 مليار دولار في عام 2025. وأشار الوزير إلى أن هذه الفترة القياسية ذاتها قد شهدت تضاعفاً في عدد شركات التعهيد والخدمات العابرة للحدود التي تعمل في السوق المصرية من 90 إلى ما يزيد عن 240 شركة، لتغطي بنجاح خدمات تكنولوجيا المعلومات، وتعهيد نظم الأعمال، وخدمات البحث والتطوير الهندسي.
وقدم الدكتور طلعت موجزاً للإطار الاستراتيجي لدعم المستثمرين العالميين، والذي يرتكز على محاور رئيسية تشمل: ضخ6 مليارات دولار كاستثمارات ضخمة في البنية التحتية المتطورة، وتوفير قوة عاملة ذات كفاءة ومهارات عالية ومُتقِنة لأكثر من 20 لغة عالمية، إلى جانب حزمة حوافز تدعمها الحكومة بفاعلية للحدّ من مخاطر التشغيل. ولافتاً إلى حجم الإنجاز في بناء القدرات، أشار إلى أن برامج التدريب شهدت توسعاً هائلاً وصل إلى200 ضعف على مدى السنوات السبع الماضية، حيث تضاعف عدد المستفيدين من التدريب من 4,000 متدرب في العام المالي 2018/2019 إلى 500,000 متدرب في العام المالي المنصرم.
رئيس الوزراء يشهد توقيع 55 اتفاقية استثمارية كبرى ترسم مستقبل القطاع
في اليوم الأول من القمة، شهد دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، توقيع 55 شركة عالمية على مذكرات تفاهم لفتح مقرات لها فى مصر، أو توسيع نطاق أعمال مراكزها فى السوق المصرى، مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، ومنهم: أكسنتشر وكابجيميني وديلويت ولوكسوفت وآر إس إيه وتيليبيرفورمانس وفودافون VOIS. ومن المقرر أن تُشكل هذه الشراكات ركيزةً أساسيةً لتوفير ما يزيد عن 70 ألف فرصة عمل جديدة وواعدة، تتميز بقيمتها المضافة العالية على مدار السنوات الثلاث القادمة، مما يسرّع بلا شكّ مسيرة تحوّل مصر الاستراتيجية نحو آفاق 'اقتصاد المعرفة' الحديث.
وصرح المهندس أحمد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، بأن "مصر تحولت خلال السنوات القليلة الماضية من مجرد وجهة لتقديم الخدمات إلى شريك استراتيجي عالمي فى مجالات التكنولوجيا والابتكار وخدمات القيمة المضافة، بفضل المهارات الشابة متعددة اللغات والمحترفة فى تقديم مختلف خدمات التعهيد والخدمات الرقمية عالية القيمة". وشدد على التزام مصر بدعم وتعزيز شركات تعهيد تكنولوجيا المعلومات والشركات متعددة الجنسيات وذلك بتقديم حزم خدمات متكاملة وبرامج لتنمية وصقل المهارات وبناء القدرات البشرية. وأضاف: "هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، تنظر إلى كل مركز جديد يتم افتتاحه أو توسعه باعتباره التزامًا علينا بدفع نموه، وضمان تحقيق أقصى إمكاناته التشغيلية. ونحن على ثقة تامة في قدرتنا على إنجاز هذا الالتزام وتحقيق أهدافه لوفرة المواهب والمهارات في مصر."
الرئيس السيسي يستقبل قادة صناعة التعهيد في جلسة حوار استراتيجي
في اليوم الثاني للقمة، استقبل السيد/ الرئيس عبد الفتاح السيسي رؤساء وقيادات 52 من كبريات الشركات المصرية والعالمية في مجال صناعة التعهيد بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وخلال اللقاء، أكد الرئيس على الدولة كانت حريصة على وضع استراتيجية وطنية رقمية لتحويل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من قطاع خدمي بحت إلى قطاع خدمي إنتاجي، مشدداً على الأهمية القصوى للتوسع النوعي في رأس المال البشري الماهر.
وشهدت الجلسة حواراً معمقاً بين القادة، تناول ملفات محورية شملت: خطط توسيع الاستثمارات، ودرجة جاهزية القوى العاملة، والمزايا الاستراتيجية التي تتمتع بها مصر، ومنها الاستقرار السياسي، والقدرة التنافسية لتكلفة التشغيل، وبيئة الأعمال الداعمة. وفي هذا السياق، عرض الدكتور طلعت مؤشرات نمو القطاع، مشيراً إلى: تحقيق زيادة سنوية تتراوح بين 14 و16%، ومضاعفة الصادرات الرقمية منذ عام 2022، وإضافة ما يقارب 60 ألف متخصص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى سوق العمل بحلول عام 2024.
من مصر إلى العالم: الكفاءات المصرية تعيد رسم خريطة صناعة التعهيد
ضمن فعاليات القمة، تضمنت فعاليات القمة عقد جلسة حوارية لعدد من رؤساء الشركات العالمية حول مستقبل مراكز خدمات التعهيد العالمية، أدارتها السيدة/ كيرى هالارد الرئيسة التنفيذية للجمعية العالمية لخدمات التعهيد (GSA) ورئيسة المجلس العالمى لخدمات التكنولوجيا والأعمال (GT&BSC)، بمشاركة السيد/ كريستوف كولدويل الرئيس التنفيذى لشركة كونسنتركس الأمريكية، والسيد/ كريستوف لولينيى رئيس التكنولوجيا بشركة فاليو، والسيد/ جارى آدى رئيس مجموعة فودافون العالمية للخدمات الدولية، والسيد/ نور الدين بيهمانى الرئيس التنفيذى لمجموعة كونيكتا العالمية.
وناقش المتحدثون مستقبل نماذج تقديم الخدمات العالمية فى ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعى، والدور الريادى الذى تلعبه مصر كمركز واعد يجمع بين القدرات البشرية المتميزة والبنية الرقمية الحديثة، بما يعزز مكانتها على الخريطة العالمية لصناعة التعهيد.
كما تضمنت القمة جلسة بعنوان "المواهب المصرية: قصص تأثير عالمى" حول قصص نجاح المهارات والكوادر المصرية فى صناعة التعهيد عالميا؛ أدار الجلسة السيد/ زياد على الرئيس التنفيذى لشركة ZMS.
تناولت الجلسة دور الشباب المصرى فى عمليات الابتكار التكنولوجى على المستوى العالمي، وركزت على مساهماتهم فى تقديم حلول مبتكرة فى مجالات الذكاء الاصطناعى والبيانات والخدمات الرقمية، وقدرتهم على إحداث تأثير ملموس فى الشركات العالمية، بما يعكس قوة مصر فى إعداد جيل قادر على المنافسة عالميًا وإضافة قيمة حقيقية فى مجال التكنولوجيا والخدمات الرقمية.
مع تخرج أكثر من 760 ألفاً من الجامعات في مصر سنوياً، منهم50 ألف خريج متخصص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تتمتع مصر بكونها أحد أكثر مصادر الموارد البشرية حيوية في العالم، حيث تجمع بين إتقان اللغات المتعددة والخبرة التقنية اللازمة لدعم أعمال الشركات العالمية بكفاءة عالية.
ومدعومة باستثمارات حكومية ضخمة في البنية التحتية للأنترنت الثابت الأرضي وبرامج تدريب وتأهيل الكوادر، تسعى مصر جاهدة لمنافسة مراكز التكنولوجيا العالمية الراسخة، وفي الوقت ذاته، ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية موثوقة للابتكار وتقديم الخدمات. وفي خضم ما يواجهه العالم من نقص حاد في الكفاءات وفجوة متزايدة في المهارات الرقمية، تراهن القاهرة بثقة على أن حقل المواهب والكفاءات العاملة الشابة والمتقنة للغات متعددة قادرة على أداء الأدوار الاستراتيجية في تطوير البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، وتعهيد نظم الأعمال مما يوفر أساساً متيناً للشركات التي تتطلع إلى تنويع وتوسيع نطاق أعمالها عالمياً.